-->

نحن بحاجة لاسلام المعاملات اكثر من اسلام العبادات

 

الاسلام بين المعاملات والعبادات

ذهب جماعة من الصحابة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يسألونها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعلها تخبرهم بشيء لم يروه، أو أمر لم يعرفوه، فقد كانت زوجته وأقرب الناس إليه، وترى منه ما لا يراه غيرها.

يا أم المؤمنين: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأجابتهم بجملة من ثلاث كلمات جمعت فيها المعاني كلها.
قالت: كان خلقه القرآن.
لقد تركت عائشة لنا بهذه الكلمات القليلة جوابا شافيا، ونعتا كاملا، ووصفا كاشفا لنبي الهدى صلى الله عليه وسلم، يعرفه كل من كان له أدنى صلة بالقرآن.
فمن أراد أن يعرف عباداته صلى الله عليه وسلم، فليقرأ القرآن.
ومن أراد أن يعرف أخلاقياته صلى الله عليه وسلم، فليقرأ القرآن.
ومن أراد أن يعرف معاملاته وتعاملاته مع من حوله صلى الله عليه وسلم، فليقرأ القرآن.
فقد كان ترجمة حية لكل ما جاء في القرآن، لم يكن يعتني بجانب دون جانب، ولا بركن ويترك آخر، ولا بناحية ويهمل غيرها، وإنما كان قرآنا يمشي بين الناس، إسلاما ينطق بين الخلق.
إن عائشة رضي الله عنها بهذه الكلمات الرائعة ترسل رسالة لكل داعية يعيش هم الدعوة إلى الله. رسالة لكل مصلح يسعى في سبيل إصلاح مجتمعه وأمته.
رسالة لي ولك ولكل مسلم يتمنى أن يقدم صورة حقيقية للإسلام تقبل بقلوب الناس عليه.

رسالة تقول: إن الإسلام والدعوة إليه ليست مجرد كلمات رنانة، ولا خطب طنانة تلقى على أسماع الناس دون أن يكون لها نصيب من الوقع العملي.

نحن بحاجة لاسلام المعاملات اكثر من اسلام العبادات

رسالة تقول: إن الإسلام لا يحتاج إلى فصاحة لسان وقوة بيان بقدر ما يحتاج قدوة عملية تثبت أن هذا الدين كامل من كل جوانبه، بعيد عن الخلل في كل ناحية من نواحية.

لكنها لا تقول ذلك بمجرد اللسان، وإنما تثبته من خلال الواقع والمعاملة، فإن الحقيقة التي لا مهرب منها ولا محيد عنها أن "الدين المعاملة"، وأننا مهما دعونا إلى الإسلام بالأقوال وخالفناه بالأفعال فلن يقبله منا أحد؛ بل سنكون مثل قطاع الطريق الذين تقول أقوالهم للناس هلموا، وتقول أفعالهم: لا تلتفتوا إليهم؛ فلو كان ما يقولونه حقا لما خالفوه، ولكانوا أول العاملين به والمتمسكين بهديه، فنحن في الظاهر أدلاء ولكن في الحقيقة قطاع طرق. كما يقول ابن القيم رحمه الله.